عصر تدفق الفيروسات التاريخ: 9-4-1422 هـ الموضوع: أخبار الكمبيوتر
عصر تدفق الفيروسات !!
عندما يسمع أحد مستخدمي الكومبيوتر هذه الكلمة تنتابه حالة من " الهرش " والأرتيكاريا الذهنية ، لأنه يعرف أن كلمة فيروس تعني - كما تعني في القاموس الصحي - مرضا يصيب أجهزة الكومبيوتر وقد يشلها عن العمل . بل إن المبالغة قد تصل إلى مداها حين يتسلل أحد الفيروسات إلى جزء من أجزاء أجهزة الكومبيوتر فترى صاحبه وهو شارد الذهن ، مطلق اللحية ، متسخ الملابس ، يخرج من رأسه وفمه وأنفه الدخان المستمر ، ولا تزال زوجته تضع أكواب الشاي وفناجين القهوة في موجات متلاحقة ، وهو متسمر أمام شاشة الكومبيوتر - التي أصبحت سوداء مثل أنثي العنكبوت - من كثرة همومه .
لكن ما هو الفيروس . . ولماذا نخافه . . وهل يجب أن نتوتر بهذه الصورة المبالغ فيها . . وكيف نقي أجهزتنا شر الفيروسات ... كل هذه الأسئلة تدور في أذهاننا دون إجابة شافية رغم صدور العديد من برامج كشف ومعالجة الفيروسات . بداية ، يجب أن أقول أنه لا أحد في مأمن من إصابة تدخل إلى جهازه بشكل أو بآخر ، لأن الفيروس ما هو إلا بيانات Data غير مرغوب فيها قد تسربت إلى أحد الملفات أو البرامج أو حتى إلى العتاد نفسه مما يعيق ـ جزء أو كل ـ المهام الموكلة إلى الجهاز . ويعتمد الفيروس على قاعدة أساسية هي التسلل والكمون لفترة ، ومن ثم يبدأ نشاطه في محو أو تدمير خلايا الكومبيوتر بعدة طرق ، أبسطها هو أن يصيب أحد الملفات ، وهذا يمكن استرجاعه أو إلغاء البرنامج الخاص به ككل وإعادة تحميله ، وأعقدها أن يتسلل إلى مكونات الكومبيوتر الداخلية ، فتجد أن الاسطوانة المدمجة لا تعمل دون مبرر ، آو يدخل إلى اللوحة الأم Mother Board ويدمر إعداداتها Bios، ولكل فيروس عدة مئات من الأشكال . إن مصادر الفيروسات غالبا ما تأتي من الاسطوانات والبرامج الخارجية ، والفيروس هو أحد المشكلات التي تواجه مستخدمي شبكة الإنترنت أيضا ، فعندما تقوم بإنزال أو تحميل أحد البرامج ، فليس بالضرورة أن يكون منتجا حديثا بل في أحيان كثيرة تكون ملفات ذلك البرنامج قديمة ، وعند فتحة يقوم بتغيير أو إضافة بعض الأوامر إلى ملفات الـSystem ، مما يجعل هذا البرنامج غير قادر على مسايرة نسق النظام العام لجهازك .. فيحدث التعطل الذي نسميه بالفيروس . أي أن مفهوم الفيروس يصبح - بهذا الشكل - واضحا إلى حد ما ، وعندما نعرف المرض فإنه قد يسهل علينا التعامل معه واقتراح العلاج . والفيروس له شقان : الأول : مقصود ، أي أن يقوم شخص متطفل ويسمى بلغة الإنترنت Hacker ببث بيانات لا تنسجم مع نظامك وغريبة عن جسمه . الثاني : غير مقصود ، بمعنى أن يتسلل بدون قصد من الطرف الآخر أو منك أحد الأوامر أو حزمة منه إلى جهازك فيحدث العطل . وفي كل الحالين سوف تغضب وتتحول إلى الصورة الكاريكاتورية التي رسمناها في بداية المقال . لكن لا تتسرع وتعلن إفلاسك لأن هناك عدة مستويات لمعاجه الفيروسات ، فيما يلي أهمها : 1. أن تستخدم برامج كشف الفيروسات وهي عديدة وكلها مشهود لها بالكفاءة ولكن أنا شخصيا لا أحب التعامل معها . وسأقول لك فيما بعد عن سبب رفضي لها . 2. أن تكون على استعداد لمسح كل برامجك وملفاتك من على الجهاز . 3. ويجب في هذه الحال توفر اسطوانة ويندوز وقرص الإقلاع System Disk وكذلك مشغلات الأجهزة التي لا تتوفر لها خاصية Plug abd Play 4. أن تقوم ببحث شامل - وهذه هي طريقتي - لكشف الفيروس .
وفي الحقيقة إن هذا الأمر معقد ومتعب للغاية ، لكنه أحد الوسائل التي تتفق والمغامرين والباحثين عن المعرفة والعلم ، فبعدما تقضي ساعة أو ساعتين وتنجح في الكشف عن ذلك سوف تتعلم الكثير والكثير ، فقد يكون الأمر كله مجرد إصابة لملف ولا تلبث أن تعيد الأمور إلى طبيعتها ، لكن يجب عليك قبل العبث بهذه الملفات أن تكون على دراية بكل سطر فيها ،وأن تأخذ نسخة احتياطية منها على قرص خارجي . فإذا ما فشلت تماما فلك الحق في محو كل ما هو مسجل على وحدة التخزين الرئيسية ، وإعادة العمل من مستوى الصفر الإليكتروني أي ما لم ذكره في الخطوة الثانية . وهذا سبب عدم محبتي لبرامج كشف الفيروسات ، لآتها تعطل قدرتي على الاكتشاف والتعلم من أخطائي . رغم أنني قد دفعت ثمن هذا التعلم في شكل خسارتين متتاليتين للوحة الأم Motherboard إذن ، نعود لمفهوم الفيروس مرة أخرى لنعيد تشكيله بطريقة أخرى ، فنقول : بأنه ذلك الخلل الذي يطرأ على جهازك فيتحول من السعادة إلى الشقاء ـ مثل البطل في المسرحيات التراجيدية ـ فتتغير طبيعته ، وهناك كثير من الفيروسات التي قد لا تعرف بوجودها داخل جهازك ، فلم لا تخاف منها !! إننا نخاف رغم إدراكنا للخلل ، بينما كان يجب علينا أن نكون أقوياء حينما أدركنا هذا الخلل ، ذلك لأن المعرفة في حد ذاتها تعتبر مصدرا لاستلهام القوة . وأنا شخصيا أعتبر لحظة المعرفة هي نقطة الانطلاق نحو الحل الإيجابي وليس العودة السلبية نحو الخوف ، الذي يسلب الإرادة ويعيق عمل العقل . ومنذ اللحظة التي ولدت فيها صناعة البرمجيات ، ظهر إلى الوجود عفريتها ، ألا وهو الإختراق وكسر الشفرة ، وهو بالمعنى العلمي ( الهندسة العكسية ) ، وقد سميت بهذا الاسم لأنها تقوم على نظريات علمية حقيقة ، فكما تقوم صناعة البرامج على أسس علمية وافتراضات جبرية وميكانيكة وأخرى هندسية في اتجاه إيجابي ، أي من أجل هدف تجاري مباشر ، فإن الدخول إلى عالمها المغلق والمشفر والمحمي بطبقات أو أطواق أمان متباينة ومتعددة ، يتطلب من القائم بعملية الكسر والاختراق ( الفك ) أن يكون على دراية بمنطق البناء والتركيب ومن ثم فإن أول هاكر أو مخترق كان من داخل النظام نفسه ، أي كان أحد العلماء الذين ساهموا في تجميع البرنامج . ومن أخطر الألعاب التي تتم هذه الأيام لعبة برامج مكافحة الفيروسات ، حيث تنشتر الفيروسات وتتخذ أشكالا لا حصر لها ، ويمتد شرها بداية من الهزر والمزاح حتى التدمير الشامل ، ومن منا لم يذق مرارة تعطل جهازه عن العمل ، وتكون النصيحة الدائمة والسهلة هي : استخدم برامج مكافحة الفيروسات !! وسأذكر لكم عدة إشاعات سرت عقب انتشار فيروس ( تشروبل ) الذي ضرب اللوحات الرئيسية في آلاف الأجهزة منذ عامين ، ومازال تأثيره ممتد حتى الآن ، لقد تناقل الناس مقولة مفادها أن شركة مايكروسوفت نفسها هي صانعة الفيروس ، بهدف خلخلة النظام الشرائي للمستخدمين ، أي أن الشركة لاحظت أن مبيعاتها قد هبطت ، فراحت تفكر في طريقة تعيد لها مكانتها ، فكان الفيروس المسمى تشرنوبل !! في نفس الوقت ، تداول المستخدمون للبرامج شائعات حول الشركة مروجة الفيروس ، وأنها قد تكون إحدى الشركات العاملة في صناعة برامج مكافحة الفيروسات بقصد شد الانتباه إلى أهمية هذه النوعية من البرامج في حماية الأجهزة . وفي الحالتين ، أو الإشاعتين ، فنحن أمام بضاعة ركدت او كادت ، فخاف منتجها من الانهيار الاقتصادي فلجأ إلى هذه الحيلة التي تؤكد نظريتي حول أن منتج الفيروس هو من أهل البيت وليس غريبا عنه . وقد ساقتني الأقدار للتعرف على هاكر من روسيا ، كان يعمل في شركة برمجيات استغنت عن خدماته لظروف ما لم يذكرها لي ، ولكنه أضمر شرا لمنتجات الشركة فراح يصنع برامج فك الحماية عن منتجات شركته ( سابقا ) ، وتحول إلى هاكر . من هنا نعرف أن الفيروسات لن تتوقف ، فهي تروج وتسوق برامج مكافحة الفيروسات وقد يكون المنتج أو الصانع واحدا . قصدنا من هذا المقال ، أن نقدم لقارئ الأهالي فكرة عن هذا العالم السري الذي يتستر خلف الأفكار الجذابة ، والمكاتب النظيفة ، وناطحات السحب ، ومليارات الدولارات ، فهو عالم تجارة أولا وأخيرا ، حيث حسابات الربح هي القانون الأعظم .